بيان حول الاوضاع بولاية بشار

إن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان و من خلال متابعتها للأوضاع بولاية بشار خصوصا في ظل الظروف الاستثنائية الحالية تصدر هذا البيان الذي تحاول من خلاله أن تضع  صورة كاملة حول الاوضاع بولاية بشار

1/ الأجهزة التنفيذية:

       إن منصب والي ولاية بشار و الذي يعتبر ممثلا لرئيس الجمهورية، يستدعي مقومات تتعلق بالمنصب واخرى بالشخص الذي يشغله، فمنذ مجيئ الوالي الحالي الذي لا يبدي اي استجابة حقيقة لانشغالات المواطن، و الاوضاع تزداد تقهقرا يوما بعد يوم، ما دفع بالمواطن للخروج علنا مطالبا برحيل والي ولاية بشار، فالمواطن البشاري المعروف بتحمله و حلمه وتقديسه للمصلحة العامة قبل الشخصية قد نفد صبره وهو يشاهد كل يوم مواقف كان الغائب الاكبر فيها هو الوالي، الذي لا يظهر الا في المناسبات أو الزردات أو الزيارات هذه الأخيرة التي يحسن التحضير لها بالمغالطات والتقارير البعيدة عن الواقع، فلا يخفى على احد الرقم الخرافي للاحتجاجات التي كان مدخل الولاية مسرحا لها، ناهيك عن القطيعة الممارسة من طرف المسؤول الأول للولاية اتجاه المواطنين و المجتمع المدني الحقيقي، بالإضافة الى إغفاله للمدراء التنفيذين اللذين تحولوا الى فراعنة لا رقيب لهم ولا حسيب، مادام المسؤول الاول لا يجرؤ على التدخل في قطاعاتهم، رغم فضائحهم اليومية التي تحط من كرامة المواطن البشاري يوما بعد يوم، فقطاعات كالنقل و الموارد المائية و الصحة و البريد و التجارة و الشباب والرياضة … وغيرها مدراؤها مدراء فوق العادة، أما رؤساء الدوائر بولاية بشار فهم تحصيل حاصل لنظام الكوطة، فمنهم من هو في خدمة رجال المال فقط، كرئيس دائرة بشار الذي يدفع المواطن ضريبة أخطائه من خلال الانتظار لأشهر لتوزيع السكنات الاجتماعية و الغموض الذي اكتنف العملية، وقد أظهرت عملية توزيع رخص التنقل مدى ركاكة التسيير و التسيب الذي يعاني منه مبنى دائرة بشار، فلا عجب أن يتحول السكرتير إلى نائب لرئيس الدائرة، ودوائر أخرى كتبلبالة و بني ونيف و تاغيت و العبادلة تتأرجح بين عديم المسؤولية و منتظر التقاعد.

 

        كما أن ولاية بشار قد ابتليت بالمجلس الشعبي الولائي الضعيف أداءا، والذي لا يؤدي من مهامه شيئا سوى ما يتعلق بمصالح خاصة لأعضائه، أو تصفية لحسابات في انفسهم، أو ارضاءا للوالي، وقد تحولت مؤخرا مهام أعضائه الى حملات انتخابية اعلامية مسبقة، كما أن هناك عدة علامات استفهام تطرح نفسها عن دور الاجهزة الامنية في نقل انشغالات المواطن الى السلطات العليا من خلال قنواتهم الخاصة، فالجميع في بشار يؤكد تواجد الفساد و العرف و الرشاوي و المحسوبية و المحاباة  و البيروقراطية و الدوس اليومي على كرامة المواطن، إلا ان الوضع يستمر في التطور دون حسيب أو رقيب، وبالرجوع إلى المجالس المحلية التي عرفت عدة مختصين في صرف الاموال على مشاريع الرابح فيها المقاول فقط، دون برمجة ما يعود على المواطن بتحقيق التنمية المرجوة أو خلق مناصب عمل أو انشاء فضاءات يتنفس فيها المواطن من ضيق العيش، فبلديات كموغل و عرق فراج والعبادلة و بوكايس والعديد من البلديات الأخرى تعيش على مشاريع الارصفة والاضاءة والصرف الصحي التي تتكرر دوريا من عهدة لأخرى .

    2/ الجبهة الاجتماعية:

          يعيش المواطن البشاري على وقع تراكم مشاكله اليومية، فلا يكاد يمر عليه يوم دون دفعه الى الاحتجاج، الذي اضحى الوسيلة الوحيدة لإيصال صوته في ضل الطرش الذي اصاب مسؤولي الولاية، فقد أضحى إصلاح أنبوب الماء أو الصرف الصحي يحتاج إلى حرق للعجلات، بينما يقول المنطق أن ذلك لا يحتاج إلا لإتصال هاتفي، كما أن  السكن و التشغيل و الصحة أضحت أمنيات للمواطن ببشار وليست حقوق، ضف إلى ذلك عدم أخذ السلطات المركزية لخصوصية المنطقة من الناحية الجغرافية، رغم تواجدها في الجنوب الا انها غير مصنفة ضمن مناطق الجنوب الكبير، ورغم الظروف المناخية الصعبة الا انه مازالت فواتير الكهرباء الشغل الشاغل للمواطن في ولاية بشار .

          إن العلاقة المتوترة بين المواطن و السلطات المحلية نتيجة قطعية للممارسات البيروقراطية، وانتشار ظاهرة المحسوبية، و نشر الكراهية من خلال استغلال تنوع النسيج الاجتماعي، للتغطية على الفشل الذريع للمسؤولين الوافدين لبشار كمعاقبين، حتى أضحت بشار المؤسسة العقابية الادارية للدولة، فالمواطن ببشار لم يعد يقوى على تحمل المزيد من الاقصاء والتهميش، في ظل مشاكل السكن والشغل و الصحة وغياب التنمية و المناخ الملائم للاستثمار.

           إن حالة التزاوج بين السلطات المحلية و جمعيات تعد على الاصابع، يتم توجيهها من طرفهم واشراكها دون غيرها في برامجها، و قد تحول رؤساؤها الى استغلال دعم الدولة كمصدر للدخل، في ظل غياب الرقابة على نشاطاتهم، مادامت مكاتب المدراء و المسؤولين مليئة بشهاداتهم التقديرية على اللاشيء المقدم للمواطن، و قد صارت تلك الجمعيات تستثمر في مشاكل المواطن لقضاء امورهم الشخصية، و محاميا ماهرا للسلطات امام المواطن مادامت جيوب القائمين عليها تنتعش بالمال العام يوما بعد يوم .

 

3/السلطات الامنية

          بعد انتشار فيديو لضابط يعتدي على مواطن بالضرب كانت السلطات قد اتخذت معه الاجراءات اللازمة، طفت الى السطح عدة تساؤلات حول العديد من التصرفات التي يعاني منها المواطن، تنتهي أحيانا بالدوس على كرامته، في حين ان المفتش الولائي للشرطة يكتفي بالتدخل الشخصي لإصلاح الاخطاء دون تطبيق الاجراءات القانونية في حق المنتسبين للجهاز، و قد كانت الرابطة قد وقفت محل شاهد على عدة حوادث مماثلة، مثل رفض ضابط  شرطة تسجيل شكوى لمواطن بالأمن الحضري الخامس، ناهيك عن عدة مواطنين كانوا ضحية تعنيف من طرف الشرطة منهم من أهين، و منهم من انتهى به الامر الى اليأس من تغير الاوضاع، إلا أن هذه التصرفات تبقى منفردة لأفراد من الجهاز الامني، يتحملون مسؤوليتها في حال تطبيق القانون، خصوصا و أن مستوى الوعي القانوني منخفض بمنطقتنا، في حين يتواجد العديد من عناصر الشرطة على احترافية عالية، اكسبتهم احترام المواطن في بشار .

4/الجبهة الاقتصادية

         تحتوي ولاية بشار على العديد من الموارد الاقتصادية الهامة التي لم يتم استغلالها احسن استغلال، فالرخام الموجود في منطقة الزغامرة  يعتبر من افضل الانواع  في العالم، و الذي يتم استغلاله من طرف خواص  دون توفير منصب شغل واحد لمواطن من ولاية بشار، أما التسيير السيء للمواسم السياحية في مناطق استراتيجية كتاغيت و بني عباس فقد حولها الى مكب نفايات كبير، ناهيك عن الاثار التي تم تخريبها، بالإضافة الى غياب استراتيجية حقيقية من اجل استغلال ملائم يعود على المنطقة بالفائدة، و بالحديث عن سهل العبادلة و الذي كان يوما من اكبر السهول الاصطناعية في افريقيا، ففلاحوه الذين عبروا عن غضبهم بالخروج الى الشارع اكثر من مرة، يشتكون التهميش الممارس ضدهم من طرف السلطات المعنية، رغم الاغلفة المالية الكبيرة المخصصة للقطاع كما نبهوا الى عصابات تحاول وأد العمل الفلاحي بالمنطقة، و بالحديث عن المشروع الاكبر بولاية بشار مشروع مصنع الاسمنت، الذي تناوب على تسييره العديد من الوافدين للولاية، منهم من جلب اقاربه، و منهم من داس على قوانين التشغيل، و منهم من كرس سياسة العنصرية داخل المركب، و منهم من اسند التسيير لأشخاص لا علاقة لهم بالميدان، ما يستوجب فتح تحقيقات معمقة حماية لهذا المشروع الذي يعول عليه كثيرا ، أما مناطق تحتوي على موارد طبيعية هامة كتبلبالة و القنادسة فتبقى حبيسة الآمال، في ظل انتشار البطالة، و غياب أي أمل للشباب الذي تعصف به الظروف، ما جعل ولاية بشار بامتياز مقبرة للطموح .

 

 

5/القطاع الصحي

           ان الحديث عن القطاع الصحي ببشار يستلزم كتابة مجلدات كبيرة، و ليس مجرد أسطر على الاوراق، فقد أظهر الوضع الاستثنائي الحالي مدى هشاشة المنظومة الصحية بولاية بشار، حيث يعاني القطاع من مشاكل عديدة في التسيير، تستوجب تدخل رئيس الجمهورية شخصيا قبل انفجار الاوضاع، فغياب اجهزة السكانير بالمؤسسات العمومية، و الظروف السيئة التي يعيشها الطبيب و الممرض، بالإضافة الى النقص الفادح في الاخصائيين، و عدم استجابة السلطات، حال دون التكفل الجيد بالمريض، و قد كانت بشار مسرحا لعدة فضائح نسرد منها المغالطات التي استفزت المواطن عند زيارة وزير الصحة، حيث تم تقديم مجموعة تدعي عدم وجود نقائص، و أيضا فضيحة البيانات التي تصدرها مديرية الصحة، و التي تنشر خطاب الكراهية و هي بعيدة جدا عن مستوى التحرير الاداري الموجه للرأي العام، بالإضافة الى الضبابية الكبيرة التي صبغت الارقام الخاصة بالمصابين بفيروس كوفيد 19، ما ساهم في زعزعة ثقة المواطن في الارقام الرسمية، ما أدى الى كارثة بكل المقاييس، يدفع ضريبتها المجتمع البشاري بدفن أحبائه يوما بعد يوم، فعدد الوفيات في ارتفاع مستمر و بمعدل متزايد، ما جعل دائرة الخطر تتوسع وسط برود من السلطات، أما الفضيحة الكبرى فقد تجلت في القيام بتجارب على المرضى بعلم مدير الصحة، و هذا حسب ما نشر احدى الجرائد، ما يعتبر جريمة انسانية تستوجب تحريك الدعوى العمومية.

            كما أن انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمدير الصحة و هو يتلقى هدايا، قد أثار سخط المواطن، وجعله يطرح عدة علامات استفهام، فبعد احتجاج عمال مؤسسة الصحة الجوارية، وتقديمهم لاستقالة جماعية على قدوم وافد على رأس أكبر مؤسسة جوارية في الوطن، والذي له سوابق تتعلق بالتسيير لما  كان مديرا فرعيا في بني عباس، وقد تم التخلي عن خدماته في ولايات سعيدة وغليزان لفشله، ليبقى اربع سنوات عاطلا، ليعود مديرا لمؤسسة حساسة كالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببشار، و قد توالت الاستقالات و الانهيارات العصبية نتيجة الضغط لعدة اطباء في مستشفى 240 سرير، كما سادة حالة اللاأمن في هذه الاخيرة، وانتشرت الفوضى التي يتحمل المسؤولية فيها مدير الصحة ومدير مستشفى 240 سرير، وقد كانت مواقع التواصل الاجتماعي شاهدة على حالة التسيب التي سادت هذه المؤسسة الصحية، كما أن رفض مصالح الأمن الحضري الخامس لتسجيل شكاوى المواطنين ضد ادارة هذه المؤسسة قد ساهم بشكل كبير في تفاقم الأوضاع و وصولها إلى حد اعتداء عون أمن بالسبب و الشتم على شيخ كبير، و قد كانت الرابطة شاهدة على تعريض حياة الأطباء للخطر من خلال تقديم زي واقي واحد خلال المناوبة، ما جعلهم يمتنعون عن القيام باحتياجاتهم الطبيعية، ناهيك عن حالات الانهيار العصبي الحاد التي اصابت العديد من الاطباء، و كذلك كانت الرابطة قد وقفت على حرمان خمسة اطباء من مؤسسة الامومة والطفولة منتدبين في مصلحة كوفيد 19 من أجورهم، بسبب تعنت محاسب المؤسسة سالفة الذكر .

           إن غياب التحسيس اللازم والذي تتحمله السلطات المحلية ساهم في انتشار الجائحة انتشارا كبيرا، و كذلك غياب الارقام الحقيقية، ناهيك عن سفر العينات الى ولاية وهران، حتى بعد اقتناء جهاز  (بي سي أر)غريب، ليس مثل الأجهزة الأخرى فملحقاته خاصة، حيث أنه ما كان يجب اقتناء هذا النوع في مثل هذه الظروف، فبعد التسويق له اعلاميا على انه الحل الذهبي، كان قد توقف عن العمل في مدة وجيزة لغياب الملحقات .

إن الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان تدق ناقوس الخطر، و تعتبر عدم التكفل الجيد بالجائحة جريمة انسانية، تستوجب معاقبة المتسببين فيها، بداية من مدراء المصالح والمؤسسات  المعنية إلى مدير الصحة و والي ولاية بشار، هذا الأخير الذي اضحى إنهاء مهامه عربونا لاسترجاع ثقة المواطن، الذي داق ذرعا من تصرفاته الاستفزازية، و التي كان آخرها خروجه متأخرا لتقديم تصريحات بعيدة عن الواقع، وقد حدث هذا فقط  بعد مطالبة العديد من فعاليات المجتمع برحيله.

6/ و أخيرا

          إن هذا البيان و الذي يأتي بعد استقصاء وتشريح، وسيتبع ببيانات توضيحية، فإن الرابطة حاولت من خلاله بكل صدق ترجمة هموم المواطن البسيط، في هذه المنطقة الحساسة، وإن جاء متأخرا فإن تأخرها كان طمعا في تحسن الاوضاع، و استفاقة المسؤولين، كما أن الرابطة تقف وقفة اجلال واحترام لكل الذين تصدوا للجائحة بصدور عارية، وقدموا واجبهم على أكمل وجه، وهذا ليس غريبا على من شربوا حب الوطن، وتشبعوا بتقديس مصالحه العليا خدمة للأجيال القادمة .

          كما تدعو الرابطة المواطنين إلى ضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية، حماية لأنفسهم و ذويهم، خصوصا في ظل اهتراء المنظومة الصحية الحالية، داعية المولى عز و جل أن يرفع عن وطننا العزيز هذا البلاء و يحفظ بلادنا من كل سوء.

إن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان تجدد استعدادها التام للوقوف الى جانب الخيرين من ابناء هذا الوطن، من أجل حماية وطننا و السير به إلى مصاف الرقي و التقدم. 

المكتب الولائي بشار 

الرئيس 

محمد الأنصاري