إن المكتب الوطني للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان يعـبر عن انشغاله لمـا آلت إليه أوضاع آلاف العائلات تقضي ليال بيضاء في العراء في عز الشتاء في بلد المليون ونصف المليون شهيد .
وفي هذا المجال فإن المكتب الوطني للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ينبه الحكومة بان أزمة السكن في الجزائر أصبحت أحد أهم المشاكل التي عجزت كل الحكومات المتعاقبة في البلاد على حلها، وفشلت كل السياسات المرتبطة بالقطاع من تخفيف حدتها، فهي أحد أهم عوامل التوتر الاجتماعي و مصدر كثير من الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر.
و في هذا الصدد فإن المكـتب الوطني للرابطـة الجزائرية للدفاع عن حقـوق الإنسان يؤكد بان حقوق الإنسان وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة أو الانتقاص ، ومن بين تلك الحقوق الأساسية الحق في السكن الملائم. وقد أقرت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بحق كل إنسان في سكن مناسب، وليس أدل على ذلك ما ورد في المادة 11(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تنص على إقرار الدول بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته .
و في هذا المنوال ، وبعد الإخطار الذي تقدمت به العائلات المقصية في حي الرملي واد سمار ببلدية جسر قسنطينة التابعة للمقاطعة الإدارية بئر مراد رايس الى السيد هواري قدور يطالبون فيها تدخل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ، و حسب استغاثة من طرف المقصيين و المشردين في العراء مشيرين الى انه لحد الآن لم يعرفوا سبب إقصائهم، بعدما حرمتهم السلطات المعنية من أسقف تحمي أجسادهم ، رغم أنهم قدموا كل الوثائق التي تثبت عدم استفادتهم سابقا من أي سكن أو إعانات مالية من قبل الدولة ، رغم امتلاك أغلبهم لبطاقات إثبات الإقامة منذ 20 سنة و بعض منهم من يملك وثائق مرخصة بالبناء و يسكن في حي الرملي منذ 1975 ،مشيرين إلى أنّ العملية عرفت تلاعبات واضحة استفاد فيها أشخاص غرباء لا تمت بصلة بهذا الحي .
و في هذا الصدد ، تنقل السيد هواري قدور الامين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان يوم الخميس 21 جانفي 2016 على ساعة السابعة و نصف مساءا إلى حي الرملي ببلدية جسر قسنطينة التابعة للمقاطعة الإدارية بئر مراد رايس لمعاينة وضعية العائلات المقصية ، و حسب أقوال المقصيين إن عملية تهديم و ترحيل كانت نقمة على العائلات التي تم إقصاؤها بعد أن وجدت نفسها تبيت في العراء ، فعمليات الترحيل التي مست حي الرملي تم معها تهديم أكواخهم القصديرية وتركتهم في انتظار الرد على الطعون، هذا الأخير الذي تماطلت المصالح الولائية فيه بعد أكثر من ثلاثة شهور من تهديم سكناتهم وتركتهم مشردين على قارعة الطرقات ،أين وجدنا عشرات من الخيم من البلاستيك داخلها أطفال صغار وهي ترتعش من برودة الطقس ، مع امهاتهم يفترشن الكرطون فوقه قطع الاقماشة البالية على الأرض ،في حين أطفال بعمر الزهور لا يتعدى عمرهم 14 سنوات يبحثون عن الكرطون و الحطب من اجل إشعاله بحثا عن الدفء الذي يفتقد داخل تلك الخيم من البلاستيك ، من منا له القدرة أن يتحمل البرودة الطقس والصفيح وكذلك سقوط الأمطار ؟ في مشهد أقل ما يقال عنه إنه في بلد إفريقي منكوب من الحرب أو زلزال، بعد أن تم تهديم سكناتها الفوضوية بدون مراعاة ضمير الإنسانية او لديهم المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية نحو المواطنين .
كما يستغرب السيد هواري قدور الامين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة عن توقف أزيد 200 تلميذ عن دراسة في حي الرملي ببلدية جسر قسنطينة التابعة للمقاطعة الإدارية بئر مراد رايس منذ 12 اكتوبر 2015 ، و لم تتحرك أي جهة لمعالجة هذا الوضع الخطير بنسبة للأطفال .
و الجدير بالذكر حسب أرقام غير رسمية بان هناك أزيد من ثلاثة ألاف عائلة تبيت في الشارع على مستوى الجزائر العاصمة ، على سبيل المثال لا الحصر منها حي الرملي لواد السمار ، قاطنو 5 جويلية الفوضوي بباب الزوار،حي الباخرة المحطمة ببلدية برج الكيفان ، حي العقيد بوقرة بالأبيار ،حي “أزور” القصديري في زرالدة ، حي السكني “كوريفة” بالحراش ، حي قصبار دوبوني الكائن على مستوى بلدية باش جراح …..الخ .
كما ننبه الرأي العام الوطني بان الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لا تتدافع عن أي شخص كان قد سبق أن استفادة من السكن ، و إنما ندافع فقط عن الأشخاص لم يستفيدوا من السكن .
وبحسب العارفين بخبايا ملف السكن على مستوى الجزائر العاصمة فان عدد المقصيين من السكن يتجاوز أكثر من 9500 عائلة ،و بعض منهم تم طردهم من سكناتهم ثم تهديم بدون تعويض رغم يمتلكون لعقود ملكية قبل الاستقلال و هي في حالة جيدة على سبيل المثال لا الحصر بشارع 04 ملياني بلحاج جيلالي على مستوى الجزائر الوسطى ، حيث 05 عائلات المقصيين التي أظهرت لنا الملكية تعود إلى سنة 1954.
كما ذكر لنا احد منتخب في المجلس الشعبي الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي رفض ذكر اسمه في التحقيق بان عدد السكن الفوضوي و السكن الهش على مستوى الجزائر العاصمة قبل 2015 كان يتراوح أكثر من 72 ألف سكن .
و في نفس الموضوع، حاولنا طرح بعض الأسئلة للمتحدثين ،ولكن كان يحاول تهرب من الأجوبة ، أو محاولة منه عدم خوض في هذا الملف …. !!!
كيف تم توزيع 84 ألف وحدة سكانية التي خصصتها الحكومة للبناءات الهشة و الفوضوية في حين ان السيد عبد القادر زوخ والي ولاية الجزائر العاصمة قال بان مصالحه أحصت 72 ألف سكن الهش و الفوضوي ، يعني هناك 12 ألف وحدة سكانية لم توزع أو ربما ذهبت إلى محل أخر عوض السكن الهش و الفوضوي ؟
كيف تتعامل السلطات الولائية و المركزية من 600 الف هكتار من الأوعية العقارية المسترجعة من عملية الترحيل ، هل لانجاز المرافق العمومية أو يتم توزيعها على بعض الانتهازيين والمتلاعبين بالعقار الذين لهم مراكز النفوذ في السلطة ؟
ان السيد هواري قدور الامين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة يطرح عدة أسئلة للرأي العام الوطني و للمسؤولين الحكومة الجزائرية منها :
- من هو المسؤول الذي له الشعور و يتغنى بالوطنية ان يقبل على أسرته و أولاده آن تبيت في العراء في عز الشتاء ، أو أن المقصيين ليسوا بشر ؟
- من هو المسؤول الذي له الشعور بالمسؤولية و يتحمل تشرد ألاف العائلات بدون مسألة قانونية و جزائية ، إلا إذا أصبحنا في قانون الغاب وعدم الاكتراث بالعواقب الوخيمة لمعاناة الجزائريين ؟
- و من هو المسؤول الذي لديه ضمير أخلاقي يسمح له بتحمل توقف أكثر من 400 تلاميذ عن الدراسة ، بدون آن تتحرك أي جهة للدفاع عن حقوق الطفل و حقوق التمدرس ؟
- و أين هي وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة ولاسيما هلال الأحمر الجزائري إلى مساعدة هذه الشريحة لأنها تدخل في مهامها التي أنشئت من اجلها ؟
لهـذه الأسباب فإننا ندد باللاوعي و اللامبالاة لمسؤولينا وعدم الاكتراث بمعاناة و مصير المواطنين المقصيين بعد هدم بيوتهم في عز الشتاء ، و ننبه الحكومة على ان السكن هو الكرامة و الاستقرار الأسري و المدخل الأساسي للتنمية في شموليتها ، و نؤكد بان الحق في السكن مسئولية الدولة بالأساس ، وينبغي على السيد عبد المجيد تبون وزيـر السكـن والعمـران والمدينة، و السيد عبد القادر زوخ والي ولاية الجزائر العاصمة ألا ينسوا بان حق السكن في الجزائري هدفا من أهداف الثورة الجزائرية المجيدة ضد الاستعمار ، باعتبار يحافظ على كرامة الإنسانية و يحقق العدالة الاجتماعية التي يتغنى بها المسؤوليين الجزائريين في مناسبة آو بدون مناسبة ،و زيادة على ذلك بان السكن مكفول في الدستور الجزائري و في الاتفاقيات و المعاهدات الدولية .
مما تطالب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان من الحكومة بالتدخل الفوري لتنفيذ وعودها و تمكين المستفيدين من حقهم بعد تهديم و تشريدهم ،أنه لابد من حماية المطرودين و المقصيين بتوجيههم إلى مراكز الإيواء الى حين إيجاد حلول لهذا المشكل، ويدرسون النتائج السلبية التي تترب عن هذا الإقصاء، ونوجه ندائنا كذلك إلى وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة ولاسيما هلال الأحمر الجزائري إلى مساعدة هذه الشريحة لأنها تدخل في مهامها التي أنشئت من اجلها قبل فوات الأوان
المكتب الوطني
أمين وطني مكلف بالملفات المتخصصة
هواري قدور