يحتفل العالم يوم 20 نوفمبر 2020 بالذكرى الواحدة و الثلاثون لاتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1989، بهذه المناسبة تحتفل الجزائر كغيرها من دول العالم بهذا اليوم، حيث صادقت على هذه الاتفاقية يوم 16 أفريل 1993.
و في هذا الصدد فإن الآنسة نجاح شمس الهدى الأمين الوطني المكلف بالمرأة وشؤون الأسرة والتضامن للرابطة تذكر الحكومة والرأي العام الجزائري بأن اتفاقية حقوق الطفل لا تقتصر بنودها على الحكومات فقط؛ بل يجب أن يضطلع بها كل أطياف المجتمع، وذلك بهدف ترجمة المعايير والمبادئ التي تضمنتها الاتفاقية إلى واقع ملموس؛هذا ما يتعين على جميع الأسر، المدارس، منظمات المجتمع المدني، المؤسسات المعنية بتوفير الخدمات للأطفال، المشاركة في بناء مستقبل أفضل لأطفالنا، بعد أن أضحت العديد من المشاكل تنخر عالم الطفولة البريئة دون سابق إنذار.
بالرغم من المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل منذ سبع وعشرين سنة إلا أن هذه الفئة في الجزائر لا تزال يعاني وابلا من المشاكل لا أول لها ولا آخر؛ إذ تعد للأزمات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الأسر الجزائرية، التي أنهكها ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وعجزها عن إشباع حاجاتها وتوفير متطلباتها، هذا ما أجبر العديد من الأطفال على ترك مقاعد الدراسة، حيث سجلت الرابطة عدد كبير من الاطفال يتراوح سنهم ما بين 6 و 16 سنة غير متمدرسين في الجزائر بحثا عما يسد رمق الجوع الذي استفحل في بطونهم وأثر على عقولهم البريئة؛ إذ قدرت ما نسبته 11% من الأطفال الذين يقل سنهم عن 5 سنوات يعانون من تأخر في النمو، هذا راجع إلى سوء التغذية. كما لا يفوتنا ذكرا أن الجزائر في مؤشر حقوق الطفل العالمي لسنة 2020 احتلت المرتبة 71 عالميا، وبحسب هذا المؤشر الذي يشمل خمسة معايير احتلت الجزائر المراكز التالية: الحق في الحماية (41)، الحق في التعليم (46)، الحق في الحياة (92)، الحق في الصحة (106)، الحق في بيئة تمكينية (98-123).
كما أن العديد من الأفراد يلجؤون إلى الإجرام للحصول على حاجياتهم على حساب هذه الفئة المغلوب على أمرها، إما طمعا في تحقيق مكاسب مادية عن طريق الخطف والإبتزاز، أو إنتقاما من الظروف القاسية التي ضيعت مستقبلهم وقتلت أحلامهم. كما تسجل سنويا الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان فيما يخص جنح التي قاموا بها الأطفال حوالي اكثر من 4000 قضية ، تورط فيها ما يقارب 6000 طفل قاصر 0.5 بالمئة منهم إناث.
كما تعد الأوضاع الاجتماعية كحالات الطلاق، وعدم التفاهم داخل الأسرة وغياب لغة الحوار والتواصل بين أفرادها، سببا في استفحال هذه الظاهرة داخل المجتمع الجزائري، التي أضحت تشكل تهديدا ينخر جسد الطفولة البريئة، حيث تجلت مظاهرها عموما في ظواهر عدة كاختطاف الأطفال، التي أخذت منحى لا يمكن السكوت عنه و هاجساً لكثير من الأسر الجزائرية، حيث يصاحب هذه الظاهرة في غالب الأحيان إعتداء جنسي وقتل للضحية بأبشع الطرق، وبحسب احصائيات قامت بها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في سنة 2019 أن معدل 4000 طفل ضحية عنف بين عنف جسدي و سوء معاملة و عنف جنسي.
.
نخص بالذكر أيضا ذلك التعنيف الممارس بشتى أنواعه فعلا وقولا واعتقادا، وهذا ما تسبب في كبت متأزم عند هذه الفئة أضحى يتحول شيئا فشيئا الى عقد نفسية دائما ما تكون مدعاة وتسبيبا للجريمة على اختلاف أشكالها ، ناهيك عن عوامل وظروف وواقع مأزوم نعيشه ببلدنا، لا تتسع ربما هذه السانحة لسردها؛ ولكن تتيح لنا فرصة مساءلة أنفسنا هل تزال حقيقة لكلمة طفولة مدلولا؟
تعيش الجزائر كباقي دول العالم أزمة وبائية على إثر تفشي فيروس كوفيد-19، ، هذا الوضع الوبائي استلزم إجراءات الحجر الصحي مع بداية الوباء مما أثر سلبيا على حياة الأطفال والأسر ففي حين تُعتبر جهود الحجر أمرا ضروريا، مثل إغلاق المدارس وفرض قيود على الحركة؛ لكنها أدت إلى تعطيل الروتين اليومي للأطفال وأنظمة الدعم التي تخدمهم، كما أنها تضيف عناصر ضغط جديدة على الأطفال نتيجة ارتفاع مستوى التوتر و القلق داخل المنازل الأمر الذي يؤدي إلى زيادة إمكانية تعرض الأطفال في العائلة للاعتداءات والعنف بالإضافة إلى خطورة الاستعمال المفرط للأنترنات من طرف الأطفال.
لكن هذه الأيام ومع العودة إلى مقاعد الدراسة يجب إتخاذ كافة الاجراءات والتدابير اللازمة من أجل ضمان فتح آمن للمدارس
ونحن نحي بالذكرى السابعة والعشرون لاتفاقية حقوق الطفل دفعت المكتب الوطني للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى دق ناقوس الخطر، والالتفات بجدية إلى مشاكل جيل الغد و إلقاء الضوء بالأرقام على أوضاع الطفولة بالجزائر، وقد عبّرنا في عدة مرات عن عدم رضانا للحلول والمعالجات التي تحد من هذه الظواهر، و لهذا يطالب المكتب الوطني للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بما يلي :
-إعداد مخططات واستراتيجيات واضحة المعالم تخص فئة الأطفال تتواءم والظرف الوبائي الذي تمر به الجزائر.
-ادراج برامج وحصص توعية للدعم النفسي بصفة اانتظامية على مستوى المدارس لمرافقة الطفل وتحصينه ردءا للصدع الذي خلفته تبعات الجائحة على نفسيته.
-مشاركة الأطفال في تنفيذ برامج الوقاية من كوفيد-19، من أجل إعداد جيل واع وقادر على التصدي للأزمات.
-ضرورة دعم الأسر لأولادهم وتقديم الرعاية والنصح لهم، مع ضرورة إيجاد طرق تعليمية أوقات الحجر المنزلي.
-على الحكومة الجزائرية توفير الأنترنت وبتدفقات عالية مع الأخذ بعين الإعتبار الأسر المعوزة التي لا تستطيع توفير قوت يومها وهي بأمس الحاجة إلى تعليم أولادها، خاصة بعدما أبان تفشي فيروس كوفيد-19 على الحاجة إلى التعليم عن بعد الذي يستلزم استخدام وسائل التكنولوجيا المختلفة والمتعددة.
-تعزيز المقاربة التشاركية من أجل الحفاظ على أطفالنا وضمان مستقبل أفضل لهم.
المكتب الوطني
الامينة الوطنية المكلفة بالمرأة و شؤون الاسرة و التضامن
شمس الهدى نجاج